الصراخ هو تحديداً ما يفعله الأطفال ...
أما بسبب حماستهم أو حماقتهم ...
لا أصرخ ..
أيعني هذا أني باردة أم يعني أني عبقرية ؟!
لا أصرخ ..
إلا عندما يصرخ أحدهم بشدة في وجهي ...
ربما لأدُلل علي نديتي له ..
ربما لأبرهن أني لست ضعيفة كما يظن ..
للحق لا أدري ..
لكن ما أدريه أن صوتي عالياً لا يعجب الأخرين ..
يزعجهم ..
يضايقهم ..
يجرحهم ..
يفاجئهم ..
..
يجرحهم صوتنا أكثر من صمتنا ..
ذلك لأنهم ببساطة لا يشعرون بنا ..
..
يفاجئهم ويؤلمهم صراخنا عليهم ..
ذلك لأنهم لم يفكروا في مقدار الآلم الذي سببوه ليخرجنا من صمتنا ..
أعتادوا علينا ملائكة ..
أما أن نقول أشياء لطيفة أو نصمت مع أبتسامة علي شفاهنا لم يفكروا بمدي صحتها ..
..
فاجئهم صراخنا ..
فاجئهم أننا لسنا الملائكة التي أرادوا أن نكون ..
لم يشعروا بالدموع التي أختبأت خلف صراخنا أو حتي أبتساماتنا ..
لم يشعروا بنا ونحن صامتون ولا متكلمون ولا حتي صارخون ..
..
أو ربما شعروا بعد فوات الآوان ..
بعد أن صرخنا ..
أزعجتهم أصواتنا ..
بل وأنهكتهم ..
صرخوا أعلي منا مُطالبيننا بالصمت ..
صمتنا ..
ليس خوفاً منهم ..
بل خوفاً عليهم ..
ذلك لأننا طالما شعرنا بهم حتي وأن لم يفعلوا المثل ..
..
ربما نجحوا في جعلنا الملاك الذي يتمنون ..
لكنهم نجحوا أيضاً في أغراق أجنحتنا في الظلام مانعيننا من الطيران عالياً للضوء ..
لكننا سنظل ملائكة مضيئة حتي أن أمسكوا أجنحتنا وقيدونا ..
لن نغرق في بحار أحزاننا المظلمة بتلك السهولة ..
ربما لن نستطيع الطيران بعد الآن لكننا لن نغرق ..
سنطفوا برقة علي المياه ..
كوننا ملائكة بدون أجنحة هو بالضبط ما يجعلنا من البشر ..
لا نستطيع الطيران في ضياء السماء ..
ولن نسمح لأنفسنا بالغرق في ظلام وبرودة البحار ..
..
أُصدق ..
أُؤمن ..
بأنهم يوماً ما سيطلقون أجنحتي ..
ليس رغبة منهم بل رغماً عنهم ..
لأنهم ببساطة ..
ليسوا ملائكة .....
حتي ذلك الوقت ..
لن أسمح لأحدهم بأن يغرق أمامي ..
سأسحبهم من أيديهم ..
سأرفعهم لأعلي ..
إلي أن يطفوا إلي جواري ..
سأضع يدي تحت ظهورهم لأرفعهم لأعلي ..
سأحاول دوماً منحهم الثقة التي تجعلهم يطفون ..
سأبتسم وأخبرهم أن يُحلقوا عالياً ..
سيقولون ماذا عنكِ ؟؟
سأقول جناحاي مُقيدان .. لا تهتموا .. أنا بخيرهنا .. كما أني يجب إلا أُغادر الآن ..
ما زال أمامي الكثير ..
سأبقي في حراسة البحر ..
سأسُاعد كل من يجد نفسه يغوص لأسفل ..
سأسحب أيديهم ..
..
أعلم أن البحر بارد ومظلم ..
لكنه صديقي ..
الذي أن وثقت به سيرفعني لأعلي ..
سيجعلني أطفوا ..
بالرغم من أن أيديهم التي تقيد جناحاي تمتدان منه ..
إلا أني أصُدق أنه لولا وجود البحر وقيودهم ..
ما كانت لتكون أجنحتي ولا السماء ..
..
لولا وجود ضد المعني ..
ما كان ليُصبح للمعني مخزي ..
ولو لم يوجد البحر ما كنت لأجد ما أطفو عليه عندما يتعب جناحاي ..
كنت سأسقط ويتحطمان ..
ولولا القيود ..
ما كانت لتقوي أجنحتي أبداً ..
كانت لتظل هشة ..
ومع أول نسيم يهب كانت لتتحطم ..
لكن البحر موجود ..
والقيود موجودة ..
لذا ..
عندما يحين الآوان ..
وتنفك القيود ..
وأخرج من حاجز الزمان ..
سأشق طريقي عالياً وسط العواصف ..
سأظل أحُرك جناحاي القويان ..
سأنسي من قيدوني ..
وسأبحث عن من حررتهم ..
لنحلق سوياًً ...
..
..
..
منقوووووووووووووووووووووووووووووووووووول